شريط الأخبار

الخيال العلمي العربي ؟؟.. (ضرب الودع) وقراءة (الطالع)

رئيس التحرير

(1)

انطلقت النبوءات العلمية  الفذة ومحاولات استشراف المستقبل من عقول كتاب الخيال أمثال الفرنسي جولز فرن صاحب رواية (رحلة إلى القمر) والكاتب الانجليزي آرثر كلارك الذي تنبئ بظهور البث الفضائي وشبكة الإنترنت في روايته (الوليد المرعب) وغيرهم  من كتاب ومبدعي روائع الأدب  العلمي .

لكن في العصر الحالي الذي يوصف بعصر القفزات الكبرى والذي  ينبئ بمقدم فترة من فترات التغيير الأكثر إثارة في تاريخ البشرية، لم تعد دراسة المستقبل مجرد خيال وأوهام حبيسة الروايات والقصص العلمية  وسيناريوهات هوليود السينمائية بل صار علما يخضع لمعايير وأسس دقيقة تستهدف استشراف عالم الغد من خلال دراسة الظواهر والتطورات الاقتصادية والسياسية  والعلمية والتقنية والقراءة المتأنية لسير الأحداث عالميا….بهدف اللحاق ﺑﺎﻟﻐﺪ، واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻴﻪ وتكون الدول والأمم هي صاحبة القرار في تحديد مصيرها، بدلا من أن تُفاجئ بالأزمات والمعضلات المتنوعة تنهش المجتمعات وتنخر الدولة.

(2)

وهنا يقال أن الخطر الداهم  الذي يهدد الدول والمجتمعات هو عجزها عن قراءة المستقبل بصورة دقيقة وشاملة .. لذا بدأ الإنسان يضع سيناريوهات للمستقبل ويتخيله بما في ذلك من ممكن وغير ممكن…وهناك في الدول المتقدمة مراكز أبحاث لعلوم المستقبل.. مهامها الأساسية وضع نبوءات علمية للمستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي…. إلى جانب الجمعيات المتخصصة  مثل “جمعية مستقبل العالم” التي تضم في عضويتها أكثر من ثلاثين ألف شخص (منهم ألف عالم)… ناهيك عن فِرق التفكير وخبراء من المفكرين في مختلف التخصصات ليس لهم عمل سوى إنتاج الأفكار والحلول و البدائل واستنطاق الزمن المقبل وفق رؤية علمية دقيقة تعتمد على الإحصاءات والتحليلات .

وفي هذا العالم الذي تسحقه قوة الأفكار وأمواج المعلوماتية العاتية لا مكان للكسل العقلي والخمول الفكري …حيث أن الصراع القادم هو صراع الأفكار والمعلومات وسيصبح البقاء ليس للأقوى أو للأصلح ، بل البقاء للأكثر تفكيرا ولمن يطلق عنان أفكاره لتحلق في عالم الإبداع والابتكار واستشراف عوالم المستقبل بما ينتج المزيد من الاختراعات والاكتشافات الباهرة…. وإن استقراء المستقبل صار رهناً بما تمتلكه من معلومات وأفكار إبداعية والتي هي مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة … فالإبداع يقود إلى التجديد، والتجديد يقود إلى التميز والتقدم على الغير.

(3)

وفي عالمنا العربي حدِّث ولا حرج.. علم المستقبل هو من العلوم الغريبة والمهجورة! وثقافة المستقبل تعد من الأمور والمواضيع التي تثير المخاوف والقلق لدى الحكومات والمجتمعات والتي تفتك بها البيروقراطية والفساد والخلافات المذهبية والعقائدية والسياسية… وثقافة المستقبليات لديها تعد من المفاهيم الغيبية والقضايا التي قد تزيد من مساحة الخلاف والجدل العقيم؟؟.

لكن هذا لايعني قطعياً أن ثقافة المستقبل في العالم العربي ثقافة مهجورة (تماماً) على المستوى الشعبي أو الرسمي …فقضية المستقبل والغد وما يحمله هي (هاجس) يومي وثقافة رائجة يتم التعاطي معها بقوة من مختلف شرائح وطبقات المجتمع من خلال الصحف والمجلات تحت عنوان ( إقراء حظك اليوم) (الطالع و الأبراج)  (أسرار علم الأبراج)  وهناك مئات من المواقع العربية المتخصصة في عالم الأبراج والفلك واستشراف مستقبلك العملي والعاطفي ؟؟ ناهيك عن تفشي ظاهرة الإعلام الفضائي المستقبلي عبر القنوات التلفزيونية المتخصصة في استقراء المستقبل من خلال (ضرب الودع) وقراءة (الطالع) و(الفنجان) إلى جانب الفضائيات الأكثر خصوصية والتي تتعامل مع خبراء من الجن والشياطين لكشف المستور وما يغيبه المستقبل من مفاجآت للعالم العربي ؟؟

 

Developed By: HishamDalal@gmail.com