الذكاء الاصطناعي وتوظيف إنترنت الأشياء “IoT” في الخدمات العامة والاتصالات
لا شك أن الذكاء الإصطناعي أصبح اليوم من أكثر المصطلحات المتداولة، مع استمرارية طرح أفكار لتوظيف تقنيات الذكاء الإصطناعي في العديد من الصناعات مثل إنترنت الأشياء وذلك للاستفادة منه في عمل مهما مُختلفة كتقديم الطعام وقيادة السيارات ومراجعة مقاطع الفيديو والتحكم في أداء المصانع وخطوط الإنتاج.
ذكاء الآلة لتحسين الإنتاجية
يضخ المستثمرون أموالهم في مشروعات ناشئة مستندة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما تسعى الشركات الكبرى للاستفادة من ذكاء الآلة لتحسين الإنتاجية وجودة المنتجات، ومع استمرار التوسع في إنترنت الأشياء يسير العنصران يدًا بيد، حيث أشارت أحد الدراسات المقدمة بواسطة شركة جارتنر المختصة بأبحاث التكنولوجيا أنه بحلول عام 2022 سيصبح 80% من المشروعات الناشئة المرتبطة بإنترنت الأشياء تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ولكن كيف سيُستخدم الذكاء الاصطناعي في إنترنت الأشياء؟ وأي الصناعات ستصبح أكثر استعدادًا لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي؟ وكيف سيؤثر ذلك على فهم عموم المستهلكين لتلك التقنيات؟ وكيف سيتأثر ذلك برغبتنا في توصيل “الأشياء” بالإنترنت في منازلنا ومكاتبنا وسياراتنا؟
التطوير القادم في المنازل الذكية smart homes
لقد شاهدنا استخدام الذكاء الاصطناعي في المنازل الذكية، حيث يتم استخدام المعالجة اللغوية في المساعدات الصوتية كمساعد جوجل وأليكسا. ومع انتشار السماعات الذكية، تلك الأجهزة التي تستطيع استخدام البيانات الصوتية ومعالجتها لتقوم بتأدية المهام المختلفة طبقًا لما يدخله المستخدم، تبقى هذه الأجهزة الذكية محدودة ومرتبطة بقيام المستخدم بطلب المساعدة منها في تشغيل الإضاءة أو القيام بمهام أخرى.
ولكن بدلًا من قيام المستخدم بطلب المساعدة من المساعد الذكي للقيام بأحد المهام المنزلية، ماذا لو عرف منزلك الذكي من تلقاء نفسه ما يتوجب عليه فعله، وأي الغرف تحتاج لتشغيل الإضاءة وضبط درجة حرارة المكيف وفقًا للساعة وتوقيت السنة وأي الأشخاص يتواجدون في المنزل حاليًا.
هذا هو التطوير القادم في منازلنا بفضل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ، حيث ستتمكن المستشعرات المتصلة بالأجهزة المنزلية الذكية بجمع البيانات المختلفة والتصرف من تلقاء نفسها بناء على البيانات التي التقطتها هذه المستشعرات، وهو ما سيؤثر بشدة على طريقة تعاملنا مع المنازل الذكية.
الجيل الجديد من تقنية Z-Wave
بالفعل هناك بعض الأمثلة على استخدام تقنيات مماثلة في المنازل الذكية في الوقت الحالي، مثل فيفنت سكاي Vivint Sky، وهو نظام يعمل على تتبع السلوكيات الدقيقة في المنزل، ليقوم بالتحكم بدقة في الأجهزة الذكية الموجودة في المنزل، ولكن مع طرح تقنيات الجيل الجديد من المنازل الذكية، هناك ضرورة ملحة لنواحي تقنية حاسمة تتعلق بالأمان والمدى وقدرة الأجهزة على العمل معًا بشكل مشترك، وذلك لتمهيد الطريق لدمج هذه الأجهزة في إنترنت الأشياء.
ومع ظهور الجيل الجديد من تقنية Z-Wave، ستتيح لنا ربط أفضل لهذه الأجهزة معًا مع زيادة الأمان وتقليل استهلاك البطاريات، بالإضافة إلى معالجة أفضل للبيانات.
وتعرف تقنية Z-Wave بأنها بمثابة بروتوكول خاص باستخدام الإنترنت اللاسلكي في إنترنت الأشياء ، وهناك قرابة 700 شركة مختلفة تدعم هذا البروتوكول.
تأثير البيانات الضخمة على مزودي الخدمات
خارج نطاق المنازل، تحمل تقنيات الذكاء الاصطناعي تطلعات كبيرة خاصة بالصناعات التي تعتمد بشكل أساسي على جمع البيانات لتحليلها وخلق حلول خاصة بها، مثل الخدمات والمرافق العامة كشركات الكهرباء والطاقة، فبدلًا من جمع المعلومات فقط كما كان يحدث سابقًا، ستتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي لمزودي الخدمات تحليل البيانات من أجل التعرف على الارتفاع في الطلب وأنماط الاستهلاك، وسيساعد أيضًا في عمل تنبؤات مبنية على أساس سلوك المستهلك وعوامل أخرى كحالة الطقس والتوقيت في السنة، مما سيساعد بشكل كبير في اتخاذ قرارات أكثر دقة.
كما ستتيح البيانات المستخرجة من المستشعرات الموجودة في المنازل الذكية والمتصلة جميعًا بإنترنت الأشياء في مساعدة مزودي الخدمات وبالأخص شركات الكهرباء في عمل استراتيجيات أفضل لتوزيع الطاقة واستخدامها.
تكنولوجيا الاتصالات وطفرة جديدة هائلة
لا تتوقف صناعة الاتصالات عن النمو، ويتوقع أن يستمر هذا النمو حيث نشرت Technavio وهي شركة مختصة بأبحاث السوق دراسة تتنبأ بتحقيق سوق الاتصالات المرتبط بـإنترنت الأشياء لمعدل نمو سنوي يتخطى نسبة 42% بحلول عام 2020، مع استمرار شركات الاتصالات الرائدة في الاستثمار في أنظمة الذكاء الاصطناعي لتطوير بنيتها التحتية.
ومع زيادة حدة المنافسة في سوق الاتصالات يتطلع المستخدمون للكثير من الشركات أن تقدم لهم المزيد بفضل الذكاء الاصطناعي.
أصبح من الواضح جليًا إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي للعمل في خدمة العملاء وهو ما سيساعد في تخفيض التكاليف بشكل أكبر على الشركات، وتجربة أفضل للمستخدمين، حيث سيصبح في مقدور الذكاء الاصطناعي تحليل المشاكل والتعامل معها بشكل أسرع.
كما يمكن أيضًا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الخاصة بأنماط الاستهلاك للمستخدمين كما هو الحال مع مقدمي الخدمات العامة، وتوظيف هذه البيانات من أجل إدارة أفضل لموارد الشركات، كما يمكن أيضًا الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مساعدة المستخدمين في تشغيل الأجهزة في المناطق البعيدة دون الحاجة لتقديم الدعم من الموقع.
على الرغم من أن الأجهزة الذكية القادرة على العمل من تلقاء نفسها لا تزال في الأطوار الأولية، إلا أنها تبشر بمستقبل كبير لكل من المستهلكين ومقدمي الخدمات، والأمر لا يتخطى كونه مسألة وقت لتحل هذه الأجهزة الذكية محل الأجهزة القديمة لتخلق لنا أسلوب حياة جديد ومختلف كليًا على كافة الأصعدة.