” حوسبة الحافة ” الثورة التكنولوجية المنتظرة
كتبت / نورهان سامى مرسى ” باحثة بمجال تقنية المعلومات “
norhansamy@unv.tanta.edu.eg / norhansamy232@gmail.com
خلال السنوات القليلة الماضية، طرحت «الحوسبة السحابية» نفسها كموجة تغيير كبرى في عالم التقنية، حيث جرى بموجبها نقل أعباء أعمال الحوسبة أولاً من مراكز البيانات المحلية الموجودة داخل الشركات والمؤسسات إلى مراكز الحوسبة السحابية الكبرى، التي يقدمها عمالقة التقنية ، بينما تلوح في الأفق حالياً موجة تغيير جديدة، تدفع باتجاه الانتقال مجدداً من مراكز الحوسبة السحابية الكبرى، إلى مراكز «حوسبة الحافة» التي تقع على حدود أو حواف الشبكات والبنى التحتية المعلوماتية الكبرى للمؤسسات، ليكون مركز الحوسبة قريباً قدر الإمكان من مصدر البيانات التي تتم معالجتها، لتحسين أداء وموثوقية التطبيقات والخدمات، وتقليل كلفة تشغيلها عن طريق تقصير المسافة التي يجب أن تنتقل فيها البيانات من أماكن توليدها إلى أماكن تجميعها ومعالجتها.
ولقد كانت الحوسبة السحابية شائعة جدًا منذ بضع سنوات ، ولكن عندما هبطت جميع التطبيقات وغرقت البيانات الضخمة في السحابة ، ظهرت بعض المشكلات والتى كان من بينها بطء فى سرعة المعالجة ، لذلك أصبحت الحوسبة المتطورة ” الحافة ” ثورة جديدة فى عالم التكنولوجيا على وجه العموم ، وفى عالم البيانات على وجه الخصوص .
ويمكن تعريف الحوسبة الحافة Edge Computing : على أنها المعالجة الحاسوبية للبيانات بعيدًا عن البنية التحتية المركزية وقريبة من الحافة المنطقية للشبكات التي تتجه نحو مصادر البيانات الفردية.
إن حواسيب الحافة هى نموذج جديد من الحوسبة السحابية الضخمة ، والتى تتميز بموارد تخزين هائلة توضع على حافة الإنترنت ، أى على مقربة شديدة من الأجهزة النقالة وأجهزة الإستشعار ، كما تتيح حواسيب الحافة المتطورة تسريع تدفق البيانات لمعالجتها في الوقت الحقيقي ؛ مما يؤدي إلى إلغاء زمن التأخير وتوفير نفقة تكاليف عرض النطاق الترددى وإضافة إلى ذلك؛ فهي تضيف القدرة على معالجة البيانات دون وضعها في الخدمة السحابية وهذا مفيد جدًّا لحماية البيانات الحساسة .
و بالمقارنة بالحوسبة السحابية ، تتكون شبكات حوسبة الحافة من مراكز بيانات يمكن تسميتها سويحبات (سحابات صغيرة) تكون أقرب للمستهلك وتُعالج البيانات بداخلها وترسل الباقي إلى مراكز بيانات أضخم عند اللزوم. يهدف هذا التوزيع إلى تقليل تكلفة تشغيل شبكات الحوسبة، وذلك باختصار المسافة التي تنقل عبرها البيانات من أماكن استهلاكها إلى أماكن معالجتها وتخزينها، وأيضًا يؤدي تقريب وحدات المعالجة والتخزين من المستهلك إلى تحسين موثوقية وكفاءة الاتصال،و تقدم حوسبة الحافة كذلك درجة أعلى من الأمن؛ إذ تتقلص المسافة التي تقطعها البيانات الحساسة للمستخدمين وهو ما يعني احتمالًا أقل للتعرض للتجسس أو لأنواع أخرى من هجمات المخترقين.
وتحسباً لهذه الموجة الجديدة المقبلة، دعا خبراء ومسؤولو تقنية المعلومات، في المؤسسات والشركات العالمية المختلفة، إلى الاستعداد لهذه الموجة من الآن، والتي يتوقع أن يتعاظم أثرها بحلول عام 2025 وما بعده، حينما يحقق الجيل الخامس لشبكات الإتصالات انتشاراً أوسع، وتصل نظم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وأدوات إنترنت الاشياء إلى مستوى متقدم من النضج والانتشار. جاء ذلك في تقرير حديث أعده فريق من الخبراء في مؤسسة «غارتنر» لبحوث تقنية المعلومات، ونشرت مقتطفات منه على غرفة الأخبار في الموقع الرسمي للمؤسسة .