الصندوق الأسود.. أعظم ابتكارات العصر، وكوارث الطيران الأكثر غموضا؟؟
إعداد : يحيى محمد يحيى
- اختفاء الطائرة الماليزية.. لغز حير العالم
- الصناديق السوداء
- تقنيات التخزين الحديثة ” البيانات الرقمية “
- تقنية WI MAX و الجيل الرابع من الاتصالات
- الصندوق الأسود تقنية تتعدي عالم الطيران
يقدم الصندوق الأسود وسيلة لمعرفة مايدور على متن الطائرة المدنية بسهولة وإرسال البيانات والمعلومات الصوتية بدقة وفي الوقت الحقيقي
و عند سقوط الطائرة و تحطمها، يعمل الصندوق الأسود ذاتيا و يرسل ذبذبات لمساعدة الفرق المكلفة بالبحث عن الطائرة من العثور عليه، و ذلك بعمق 3500 متر من خلال إرساله لذبذبة 37.5 كيلو هيرتز.كما أن الصندوق الأسود يمكنه تحمل درجة حرارة 1100 مئوية، إضافة أنه يسجل بيانات الطائرة من 30 إلى 120 ساعة و المتعلقة بالسرعة و الوقت و الاتجاهات، و الحوارات التي تُجرى في الطائرة، و نداءات الاستغاثة و غيره من البيانات.
يونيو الأسود.. كوارث الطيران الأكثر غموضا
في أواخر شهر يونيو 2009 تحطمت الطائرة اليمنية الرحلة IY.626 وهي من طراز «إيرباص إيه 310 – 300» في أجواء جزر القمر في ظروف غامضة مما أسفر عن مقتل 152 شخصا ، وكان الناجي الوحيد فتاة عمرها 13 عاما ،تدعى بهية بكاري، وقد فقدت والدتها في حادث تحطم الطائرة حيث تعلقت على قطعة من الحطام العائم لمدة ثماني ساعات قبل ان يتم إنقاذها.
وقد تضاربت التصريحات حيال أسباب الكارثة منها الرسمية والتي تفيد بأن “الأحوال الجوية كانت سيئة وسرعة الرياح 61 عقدة والبحر هائج” وتؤكد كذلك على عدم وجود أي خلل مسبق في الطائرة وأنها خضعت للصيانة فبل شهرين من فريق تابع للشركة المصنعة إيرباص إلى جانب خضوعها للصيانة قبل إقلاعها من مطار صنعاء، واعتبرت أن هذا الحادث استثناء في تاريخ الشركة الذي يزيد عن أربعين عاما…بينما تؤكد تصريحات أخرى غير رسمية اصطدام جسم خارجي بالطائرة وهو ما يعزز حدوث أمر فجائي وغير متوقع للطائرة لدرجة أن قائد الطائرة لم يستطع أولم يسعفه الزمن القصير جدا بطلب النجدة والاستغاثة…كما ان عمليات قراءة الصندوقين الأسودين في معامل التحقيق والتحليل الفرنسي والمعروف(بى-اى-ا)أكدت تعذر إنزال البيانات من الصندوقين وتعذر سماع كامل الأصوات المسجلة في الصندوقين.
اللعنة سوف نتحطم .. لا يمكن أن يكون هذا الأمر حقيقياً!”
وهذا الحادث هو الثاني لطائرات “أيرباص” الفرنسية خلال شهر، بعد تحطم الطائرة الفرنسية المنكوبة،الرحلة AF447، في المحيط الأطلسي وهي من طراز “أيرباص A330” في الأول من يونيو2009..وادي الحادث إلى مقتل جميع ركابها 216 راكب ولا احد يعرف لماذا سقطت من السماء وبعد أن هبطت الطائرة إلى أعماق المحيط استطاعت البحرية الفرنسية العثور على الصندوق الأسود عبرغواصة أرسلت إلى المنطقة.. وكشف كتاب صدر مؤخراً حول كارثة الرحلة 477 بعنوان “خطأ الطيار” للخبير في الملاحة الجوية جان بيير أوتيلي، عن معلومات جديدة حول ما حدث خلال الدقيقتين الأخيرتين للطائرة قبل تحطمها، والتشوش الذي وقع فيه الطيارون…وأوضح الكتاب أن الطائرة هبطت 38 ألف قدم خلال 3 دقائق و30 ثانية، دون أن يستوعب طاقم الطائرة سبب عدم استجابة الطائرة لمحاولاتهم.
الجديد الذي تم الكشف عنه هو تسجيل لصوت داخل قمره الطائرة، وذلك قبل ثلاث ثواني من تحطمها، حيث قال أحد الموجودين في القمرة: “اللعنة، سوف نتحطم، لا يمكن أن يكون هذا الأمر حقيقياً!”
اختفاء الطائرة الماليزية.. لغز حير العالم
ما زال اختفاء طائرة البوينغ 777 التابعة لشركة الطيران الماليزية في رحلتها رقم إم-إتش370 يشكل واحدا من أكبر الألغاز في تاريخ الطيران المدني وفق ما أفاد تقرير سنوي للمحققين نشر الثلاثاء بعد سنتين تماما على الحادث ولا يقدم أي معلومات جديدة لعائلات الركاب المفجوعة.
واختفت الطائرة الماليزية عام 2014، حينما كانت في طريقها من العاصمة الماليزية كوالالمبور إلى العاصمة الصينية بكين، وعلى متنها 239 شخصا..حيث اختفت بصمت وبطريقة فجائية, بالإضافة إلى اختفائها عن الرادار أيضا, لسبب غير مفهوم؟؟!!
وتوقفت عمليات البحث عن الطائرة، التي شاركت فيها ماليزيا والصين إلى جانب أستراليا، في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد 1046 يوما…وأعرب فريق البحث الأسترالي عن “أسفه الشديد”، لعدم العثور على الطائرة.
وأضاف التقرير: “على الرغم من الجهود غير العادية، التي بذلها مئات الأشخاص من أنحاء العالم في عمليات البحث، لم يتم تحديد موقع الطائرة”.
وفي عامي 2015 و2016 ظهر حطام يشتبه في أنه للطائرة الماليزية المفقودة، على سواحل جزر في المحيط الهندي والساحل الشرقي لأفريقيا.
وخلص المحققون، في تقريرهم، إلى المكان المرجح حاليا للطائرة، بعد تحليل نموذج للحطام
في غضون ذلك، لا تزال الحكومة الماليزية تجري تحقيقاتها، في الظروف المحيطة باختفاء الطائرة.
هذا وقد أظهرت الأرقام التي أعلن عنها خلال العام 2009 ان إجمالي عدد الأشخاص الذين قتلوا في حوادث الطيران في الأشهر الستة الأولى من يناير إلى يونيو من عام 2009 كانت أعلى منذ عام 2002.
هندسة السلامة
الصندوق الأسود واحدة من أعظم اختراعات تاريخ هندسة السلامة فمن الممكن استرداد البيانات بعد التعرض لظروف شديدة على الطائرة ومنها العواصف و الانفجارات وغيرها و قد ألزم الاتحاد الدولي للطيران المدني استخدام الصندوق الأسود قبل القيام برحلاتها التجارية وذلك لتسجيل معلومات خاصة بأداء الطائرة وظروف الرحلة أثناء الطيران.
الصناديق السوداء
الصندوق الأسود هو صندوق لونه في الغالب اصفر أو برتقالي حتى تتمكن فرق البحث عن الصندوق من العثور عليه بسهولة وليس لونه اسود وقد سمي بالصندوق الأسود لارتباطه بالكوارث الجوية وحوادث تحطم الطائرات وهو يسجل معلومات الطائرة يقدم نمط من التسجيل للوقت الذي حدث فيها الرحلة ،ويعود الصندوق الأسود للمصمم الاسترالي David Warren في عام 1953 والذي كان يعمل على هندسة الطيران واستخدم المخترع الأفلام الفوتوغرافية في تخزين البيانات وفي الوقت الحاضر يستخدم رقاقات الذاكرة وكان ذلك من عام 1970 وفي الصناديق الحديثة يتم استخدام الموجات مافوق الصوتية والتي يرسلها الصندوق الأسود من مسافات كبيرة من العمق وتستمر لمدة 30 يوم حتى يمكن للباحثين العثور على الصندوق بسهولة .
تقنيات التخزين الحديثة ” البيانات الرقمية “
اليوم تقنيات الصناديق السوداء تطورت مع تطور تقنيات التخزين الحديثة ” البيانات الرقمية ” والتي تصنع عبر L-3 Aviation Recorders والتي يمكنها تخزين البيانات لمدة 25 ساعة قبل إعادة التسجيل على النمط السابق فمثلا يسجل الصندوق الأسود الأحداث من البداية حتى الوسط فإذا انتهت مدة التسجيل يسجل نهاية الرحلة مكان بداية الرحلة في حين أن الصناديق السوداء القديمة تخزين 30 دقيقة.
يتم تخزين كل أنواع البيانات الديناميكية في أشباه الموصلات المكدسة على لوحات ذاكرة الوصول العشوائي “الرام ” وتوفر الشركات المصنعة البرامج والأجهزة اللازمة لقراءة وتحليل البيانات وإرسالها في بعض الأحيان للمساعدة في تفسيرها وخاصة الملتوية تحت حرارة عالية.
وعند تثبيت الصندوق الأسود يتم تثبيت صندوقان في مؤخرة الطائرة فالصندوق الأسود الأول يحفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيقية ومنها السرعة واتجاه الرحلة ومعدلات الدفع والارتفاع في الجو وغيرها من البيانات الفيزيقية.
والصندوق الثاني يقوم بتسجيل الصوت داخل قمره الطائرة ومايدور من حوار في المقصورات جميعها بلا استثناء حتى كبينة القيادة وعن تسجيل البيانات الرقمية audio compressor board والذي يسمح بتسجيل البيانات لساعات طويلة وهناك مؤشر HT وهو المؤشر الحراري لجسم الطائرةhigh temperature والتي تتصل بكابل الذاكرة memory interface ويأتي الصندوق الأسود محاط بجدار سميك من سبائك معدنية تستطيع تحمل الارتطامات القوية والتحطم و الانفجارات وتجري عليه التجارب التي تثبت قوة الصندوق في تحمل الانفجارات وضغط الماء ودرجات الحرارة القصوى والتي تزيد عن 1100درجة مئوية فالغلاف هو الذي يحفظ المكونات الفيزيقية من الذاكرة الرقمية بالتها الجيدة.
ويحتوي الصندوق الأسود على مرشد لاسلكي لتحديد موقعة تحت الماء ويطلق ذبذبات ضوئية عالية التردد 37.4 كيلو هيرتز عند مساس المياه والثلوج الكثيفة والرطبة وذلك عند خروجه من ذيل الطائرة ويمكن تميز تلك الإشارة من على بعد 2.5 ميل وعلى عمق 20 إلف قدم تحت الماء ولمدة 30 يوم متواصلة
تقنية WI MAX ولنقل البيانات الجيل الرابع
معظم الطائرات تقوم بتحويل بعض المعلومات و البيانات إلى المحطات الأرضية والتي تأتي على فترات منتظمة ولها علاقة بمسار الرحلة والسرعة ، فضلا عن المعلومات التي يحتاجها خدمة أطقم صيانة طائرة عند هبوطها.. هذا النظام يستخدم في الغالب النطاق الترددي VHF والذي يمكن التعامل معها بـ16 بت في الثانية فقط ، والذي أصبح شائعا الآن في السفن في عرض البحر.
وعموما تحتوي الرسائل المرسلة إلى المحطات الأرضية على 220 بايت في وقت واحد في حزمة تسمى كتلة ، على الرغم من أن بعض الرسائل قد تمتد إلى عدة كتل. نحن نتحدث عن انتقال تافهة معدل أقل من 2 كيلو بايت في الثانية لكل طائرة. ولكن لأنه يمكن ان يكون هناك عدة آلاف من الطائرات في رحلة في وقت واحد وربما قد يصل حجم البيانات المجمعة إلى 6 ميغابايت في الثانية الواحدة.. بينما نحن نتحدث هنا عن نقل تافهة يصل إلى 12 بايت وليس كيلو بايت ، أي أقل من نسبة 2 في الثانية لكل طائرة .
ويمكن حل هذه المشاكل عبر اعتماد تقنية اتصال أكثر تطورا فمثلا يمكن تحميل الاتصال الواحد عبر شبكة وأي ماكس (WI MAX) من 1 أو 2 ميغا بايت / ثانية والتي يمكن نقلها عبر هواتف الجيل الرابع والتي قد تصل إلى 10 ميغابايت / ثانية.
لكن من المهم تامين شبكة الانترنت للجيل الرابع (النطاق الترددي العريض ) عبر برتوكول الانترنت الحالي (النطاق الترددي Ku-band ) والذي يحتاج لتعديل في بيانات إقلاع وهبوط الطائرة ويمكن البث عبر نطاق VHF , UHF والذي يغطي بالبث التلفزيوني وهو شبه معطل بعد انتشار القنوات الفضائية والتي ألغت دور المحطات الأرضية .
الصندوق الأسود تقنية تتعدى عالم الطيران
منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي بداء التفكير في استخدام الصندوق الأسود في مجالات عديدة ومنها رحلات الفضاء لوكالة ناسا خاصة ان الإشارات التي يطلقها الصندوق الأسود لمسافات طويلة ولمدة طويلة وكذلك صناعة الصندوق من مادة التيتانيوم ، بل وتفكر شركات تأجير سيارات النقل والأجرة استخدام الصندوق الأسود لحماية السائق من الركاب المجرمون وكذلك خلق خلفية عن سلوك السائق في القيادة ومنها السرعة والزمن وغيرها ويقوم الصندوق الأسود بتسجيل البيانات لمدة 30-120 ساعة حسب طلب التصنيع ويمتلك عدد 4 قنوات صوتية ويمكن للبطارية العمل لمدة خمس سنوات مع مدة بقاء المعلومات المخزنة مغناطيسا .
وتعتزم وزارة النقل الأمريكية تثبيت الصناديق السوداء على متن الشاحنات الكبيرة والتي تحتاج لتقنيات حماية البضائع ومطالبة شركات التامين عن تعرضها للخطر المؤمن عليه .
سجلات الصندوق الأسود تحل الخلافات السياسية
في أكتوبر1999وقع حادث مؤلم لشركة الطيران المصرية في رحلتها 990 في المحيط الأطلسي في رحلة العودة من نيويورك إلى القاهرة حيث أكد المركز القومي الأمريكي لسلامة النقل أن الحادث كان بسبب خطأ من جانب الطيار ومساعد الطيار إذ تم وضع الطائرة على نمط حاد للهبوط وكانت التحقيقات الأولية تشير إلى ان هناك عمل إرهابي خاصة عند العثور على الصندوق الأسود.. حيث تبين ان الحادث ناتج عن خطاء في قياس الارتفاع النسبي بين ارتفاع القاعدة وهذا ماسجلة الصندوق الأسود وليس عمل إرهابي كما أشارت التحقيقات الأولية .