الحضارة الرقمية.. وتكنولوجيا (الصفيح)؟؟
(1)
هناك علاقة وارتباط غريبين بين التشرذم والتجزئة والانقسام وقيام كيانات ودويلات طائفية (كجمهوريات الموز) و(الدويلات الكارتونية) وبين التخلف المعرفي والتكنولوجي .. وهناك الكثير من الدول والأمم العظيمة انتحرت وتدحرجت إلى هاوية الموت والتفتت عندما سارت خلف قوى وتنظيمات وأحزاب تعتنق (إيديولوجية الموز) و(عقيدة الصفيح)… والتي أفرزت مزيجا غريبا من (جمهوريات الفستق والبن) في أمريكا الوسطى وإمبراطوريات “بوكاسا في قلب أفريقيا، و(كنتونات ميلوسوفيتش) في البلقان..واستنبتت زعماء وجنرالات (التنك).. ومتعهدي العنف والإرهاب والموت العبثي ومرتزقة للحروب الأهلية والطائفية الذين يمارسون أفظع المجازر وحمامات الدماء…. فهذا (جوناس سافمبي) في أنغولا تسبب في حرب أهلية راح ضحيتها نصف مليون نسمة، والعريف الليبيري (صموئيل دو)، يبتدع عقوبة قطع الأذن لمعارضيه، ورقيب آخر من (سيراليون) يسمى (سنكوح) كان يمارس هواية قتل الأطفال وقطع أرجل وأيدي أسراه.. وهكذا دائما هناك تزاوج بين التخلف العلمي والتقني والاندحار الحضاري والتقدم والاستقرار وبين (تكنولوجيات الموز).. التي تنشر الخراب والبؤس وصراعات أثنية وقبلية تمزق كياناتها..الخ..
(2)
وفي المقابل نجد أنَ العالم المعاصر وفي حقبة العولمة والمعلوماتية يتجه كلّه للتقارب والتكتّل وإزالة الحواجز الاقتصادية والجمركية وحتى السياسية والحدوديّة ففي عصر الثورة التكنولوجية الثالثة، لا تستطيع دولة بمفردها أن تنهض دون التعاون مع جاراتها من الدول… وهكذا سنجد إن العالم يتوزع بين تكتلات سياسية واقتصادية وأخرى معلوماتية وبمعايير المحتوى المعلوماتي البحت فان اكبر تحالف معرفي أو تكتل معلوماتي هو التكتل الذي يجمع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ويستحوذ على 82.1% من إجمالي حجم المعلومات المنتجة عالميا و5.9% في اليابان والباقي في بقية دول العالم المختلفة، كما تتركز الغالبية الساحقة من أدوات ووسائل توليد ونشر المعلومات وشبكات الاتصالات والحاسبات العملاقة والأقمار الاصطناعية…الخ في الولايات المتحدة وأوروبا.
وهنا يصبح من المستحيل تحقيق أي تقدم اقتصادي أو نهوض تكنولوجي وعلمي في المنطقة العربية من دون قيام كتلة عربية واحدة ذات أبعاد جيو- إستراتيجية شاملة وقوة للتغيير والتطوير الأفضل للطاقات والقوى العربية الهائلة ماديا وبشريا.
وهذا يعني أن على العرب في عصر الثورة التقنية واندثار الحواجز والحدود، أن يحطموا أصنام القطرية ويلغوا من قاموسهم مصطلحات (البراميل والدشم الحدودية) خاصة وإنّ كل الأقطار العربية، غنيها وفقيرها، كبيرها وصغيرها، تواجه إما أزمة بقاء أو بقاء أزمة إذا استمرّ واقع التجزئة الراهن وذلك بحسب تقرير لمركز دراسات الوحدة العربية.
وانطلاقا من هذه المعطيات فان ولوج عالم الحضارة الرقمية بقوة ومواجهة مشاريع التفتت القطري والانشطار الخلاقة باتت مسالة مصيرية عربيا وضرورة موضوعية أكثر من أي وقت مضى… ضرورة تفرضها حقائق الحاضر والمستقبل… فقانون الوحدة والتكامل هو القانون الأزلي والمصيري لامتنا العربية.. وقانون التفتيت والتجزئة هو القانون المفروض بالقوة في أطار (عقيدة الموز والخشخاش) ومشاريع الشرق الأوسط الكبير.؟؟